وسط سحب الدخان الكثيف .. هل سيلتقي الاسد واردوغان في موسكو برعاية بوتين..؟ ما هي المؤشرات والدلالات..؟
4 سبتمبر، 2016
389 11 دقائق
يمنات – رأي اليوم
يشكل فشل اللقاء الذي تم على هامش قمة العشرين في الصين بين الزعيمين الروسي فلاديمير بوتين والامريكي باراك اوباما، نكسة كبيرة للآمال التي كانت معلقة عليه للتوصل الى تفاهمات للتعجيل بالحل السياسي في سورية، لكن تواتر الانباء عن لقاء محتمل بين الرئيس السوري بشار الاسد، وخصمة التركي رجب طيب اردوغان في الاسابيع القليلة المقبلة، برعاية الرئيس الروسي في موسكو، ربما يكون لعب دورا كبيرا في هذا الفشل بطريقة او بأخرى، لأن الرئيس الروسي بات اللاعب الرئيسي في هذا الملف والمنطقة بأسرها، ويدرك جيدا ان ايام نظيره الامريكي في السلطة باتت معدودة، والتنازل له غير مفيد.
الزميل محمد بلوط الكاتب في صحيفة “السفير” اللبنانية وضع مصداقيته، وصحيفته على المحك، عندما كتب مقالا يوم الخميس الماضي اكد فيه ان اللقاء بين الرئيسين السوري والتركي بات مؤكدا وذهب الى ما هو ابعد من ذلك عندما حدد موعده في الفترة بين 18 ـ 22 من شهر ايلول (سبتمبر) الجاري.
الزميل بلوط لم يكشف عن مصادره، ومصدر ثقته بمدى صدقية معلوماته، ولكن كونه يتواجد في دمشق منذ شهر تقريبا (يقيم معظم الوقت في باريس)، وبحكم علاقاته الوثيقة مع دائرة صنع القرار فيها، الامر الذي يوحي بوجود طرف تعمد ان يسرب مثل هذا السبق الصحافي له، لأسباب عديدة من بينها تهيئة الاجواء النفسية للرأي العام في البلدين، تركيا وسورية، وربما المنطقة الشرق اوسطية برمتها، لمثل هذا التطور المفاجئ والخطير جدا، فالرجل، اي الزميل بلوط، صحافي وكاتب مخضرم، اي ليس هاويا او مبتدئا، وصحيفته تعتبر واحدة من اعرق الصحف العربية.
بعد اتصالات عديدة اجرتها هذه الصحيفة “رأي اليوم” بمصادر لبنانية وسورية مطلعة جدا في بيروت لاستقصاء هذه المعلومة المهمة، تبين لنا ان هناك اجماعا على حدوث تقارب تركي سوري كبير فعلا، وعلى اعلى المستويات الامنية الإستخبارية في هذه المرحلة، تؤكده الوقائع في ميادين القتال، وابرزها تقدم قوات الجيش العربي السوري في منطقة الكليات في ريف حلب وسيطرته عليها تقريبا، واعادة الحصار الى ما كان عليه على مناطق حلب الشرقية، مضافا الى ذلك الاتفاقات التي جرى التوصل اليها بين النظام وجماعات مسلحة في داريا والاعظمية، وصمت السلطات السورية على تقدم القوات التركية في جرابلس، وتصعيد حربها ضد الاكراد، والاصرار على انسحاب جميع قواتهم الى شرق الفرات.
السيد بن علي يلدريم رئيس الوزراء التركي، الذي يشكل الواجهة الجديدة لتطبيع العلاقات السورية التركية، اكد هذا التقارب، عندما اعلن يوم الجمعة الماضي ان تركيا تهدف الى تطبيع العلاقات مع مصر وسورية في المستقبل القريب، وانها بدأت خطوات جادة في هذا الاتجاه.
مصدر سوري كبير اكد للزميل كمال خلف، مراسل “رأي اليوم” في بيروت، ان هناك عملا مكثفا يجري ليل نهار من اجل التسريع بعملية التطبيع بين تركيا وسورية، ولم يستبعد هذا المصدر ان يتم الاعلان عن استئناف العلاقات مطلع اول الشهر المقبل، والمح الى وجود نوايا رسمية سورية بالتحلي بأعلى درجات المرونة.
اللواء علي المملوك رئيس مجلس الامن الوطني في سورية سيزور موسكو بعد غد الثلاثاء، حسب بعض التقارير الاخبارية، وهناك تقارير اخرى تؤكد ان نظيره التركي حقان فيدان سيزور العاصمة السورية بعد عيد الاضحى المبارك، الذي سيحل يوم الاثنين المقبل، اي بعد اسبوع.
هذا الاختراق الكبير في الازمة السورية الذي تم فعلا، يعود بالدرجة الاولى الى التغيير الذي طرأ في موقف الرئيس التركي اردوغان بعد الانقلاب العسكري الفاشل، وشعوره بالخذلان من جانب الحليف الامريكي، وفوق كل هذا وذاك ادراكه، اي الرئيس اردوغان، ان استمرار الازمة السورية بوتيرتها الحالية سيؤدي الى تفكك تركيا، واغراقها في اعمال ارهابية، تقّوض امنها واقتصادها واستقرارها.
لا نستطيع ان نجزم بأن لقاء القمة بين الرئيس الاسد ونظيره التركي اردوغان سيتم في الموعد المقترح في موسكو للمرة الاولى، بعد قطيعه استمرت ست سنوات تقريبا، كانت حافلة بالحروب الدموية والكلامية، ولكننا لا نستغرب في هذه الصحيفة ان نصحوا يوما في الاسابيع القليلة المقبلة، على انباء لقاءات ومصافحات علنية بين وزير خارجية البلدين، او قائدي جهاز المخابرات، تمهد لهذه القمة.
لقاء وزيري خارجية امريكا جون كيري، والروسي سيرغي لافروف في جنيف يوم الاثنين المقبل للبدء حيث توقف زعيميهما، اوباما وبوتين في مباحثاتهما حول سورية في الصين، ربما يسرّع بهذا التطبيع، ان لم يكن سيطلق رصاصة انطلاقته.. والله اعلم.